شعار قسم مدونات

انفُضْ رمادَكَ يا أقصى

مدونات - الأقصى
في ذكرى إحراق المسجد الأقصى المبارَك في 21/8/1969م

الأنبياءُ على أَعْتابِهِ وَقفُوا
فَما وُقُوفِي؟ وما شِعْرِي؟ وما أَصِفُ

والرّوحُ والمَلَكُ الباني منازلَهُ
فما حُرُوفي الّتي أبني وأحْتِرَفُ؟!

والطّيرُ غَنّى شَجِيًّا في مآذنهِ
فَدَعْ نَشِيْدِي وَمَا غَنّوا وما عَزَفُوا

يا أمّتي وَنِدائِي مِلْءُ ما حَمَلَتْ
هَذِي السّماواتُ والأَرْضوْنَ والسُّجُفُ

هُبِّي إِلى الغَوْثِ؛ فَالأَقْصَى مُمَزَّقةٌ
أَكْبَادُهُ، وَبِجُنْحِ اللّيلِ يُختَطَفُ

تَكادُ مِنْ هَوْلِ ما يَلْقاهُ مِنْ عَنَتٍ
أقمارُ هَذِي اللَّيالِي السُّودِ تَنْكَسِفُ

فَمَا يَمُرُّ بِهِ يَوْمٌ عَلَى ثِقَلٍ
إلاّ وشِرْيانُهُ مِنْ رُوْحِهِ نَزِفُ

أمَا تَرَى كُلَّ مَوْتُورٍ بِساحَتِهِ
مِنَ اليَهُودِ عَلَى الحِيْطَانِ يَعْتَكِفُ

مَا رَتَّلُوا كَذِبًا في أيّ ناحيةٍ
إلاّ وكانَ بِها مِنْ نَتْنِهِمْ طَرَفُ

هَذَا (البُراقُ) فَلا (المَبْكَى) وَمَا زَعَمُوا
ولا أساطِيْرُهُمْ سُوْدًا ولا الخَرَفُ

يا عادِلَ الأرضِ مِنْ مَيْلٍ ومُرْجِعَها
إِلى مَسَارٍ قَوِيمٍ لَيْسَ تَنْحَرِفُ

ومُنْجِيَ الرُّسُلِ الأطْهارِ مِنْ كَذِبٍ
وَمِنْ عَذابٍ بِهِ أَقْوَامُهُمْ رَسَفُوا

لأَنْتَ مُنْقِذَنا الحَامِي عَقِيْدَتَنا
فَكَيْفَ عَنْكَ إِلى الأَعْدَاءِِ نَنْصَرِفُ ؟!!

وكيفَ تَأْمَنُ لِلْجَانِي ضَحِيَّتُهُ ؟!!
هُمُ الذِّئابُ وَمَسْعُورُونَ مُذْ عُرِفُوا

وَهَلْ رَأَيْتَ عَلَى الدّنيا جَبابِرَةً
يومًا رَعَوْا ذِمَمَ المَهْزُومِ أَوْ رَأفُوا

والقَائِلُونَ بِإِحْلالِ السّلامِ كَمَنْ
بِغَيْرِ مَا عَرَفُوا فِي الأَمْرِ قَدْ هَرَفُوا

دَعِ السّلامَ لحكّامِ السّلامِ فَهُمْ
هَانُوا عَلَى الذّلّ حتّى سَاغَ وَاغْتَرَفُوا

وَخَلِّ عَنْكَ زَعِيمًا مِنْ زَعَامَتِهِمْ
يُفَلْسِفُ الصُّلحَ أَوْ بِالخِزْيِ يَلْتَحِفُ

وَخُضْ بِنَا الحَرْبَ إِنّ الحَرْبَ قادِمةٌ
وسوفَ تحصُدُ مَنْ بَاعُوا وَمَنْ رَجَفُوا

وسوفَ تكشِفُ مِنْ دهْرٍ أرانِبَهُ
وسوفَ تبْلَعُ مَنْ بالغاصِبِ اعْتَرَفُوا

هَذِي هِيَ الحَرْبُ مُذْ كانتْ مُقَدّسَةً
ضِدَّ اليَهُودِ.. إليْنا اليَوْمَ تَزْدَلِفُ

فَقُلْ لِمَنْ بَاعَ أَقْصَانا بلا ثَمَنٍ:
وَمنْ بِهِ تَرَكَ الأوغادَ تقتَرِفُ

يومُ الحِسابِ قريبٌ لا مَفَرَّ لكمْ
وأرضُنا بِطُغاةِ الأرضِ تَنْخَسِفُ

انْفُضْ رَمادَكَ يا أقْصَى فَمَا وَهَنَتْ
مِنْكَ العَزَائِمُ مَا هَدُّوا وما نَسَفُوا

إنْ حَرَّقوكَ وخَرَّ السّقْفُ مِنْ وَجَعٍ
فَأَضْلُعِي يا حَبِيْبِي دُونَكَ السُّقُفُ

أو هَدّموا شُرَفًا بالطُّهْرِ قائمةً
فأعْيُنِي لكَ فِي حَبَّاتِهَا الشُّرَفُ

ما أَحْرَقُوكَ ولكنّا بِكَ احْتَرقَتْ
قُلوبُنا؛ فلأنتَ الشّامِخُ الأنِفُ

ما ضِعْتَ يومًا، وَنَحْنُ الضّائِعُونَ عَلى
ضَيَاعِنا نَتَعَادَى ثُمّ نَخْتَلِفُ

يا مِنْبَرَ الحَقِّ؛ نُورُ الدّينِ صانِعُهُ
كَيْ تَشْهَدَ الأَرْضُ أنّا فيكَ نأتَلِفُ

وأنّنا لِصَلاحِ الدّينِ حامِلِهِ
جندٌ، إلى المَسْجِدِ الأقصَى لَقَدْ زَحَفُوا

حتّى نُطَهِّرَهَ مِنْ رِجْسِ مَنْ غَصَبُوا
سَاحاتِهِ أو إلى أَنْفاقِهِ دَلَفُوا

جُندٌ هُمُ القَدَرُ المَحْتومُ، لا جُرَذٌ
يَبْقَى عَلَى أَرْضِهِ، أو كَلْبَةٌ تَقِفُ

فمَسْجِدٌ فيهِ كُلُّ الرُّسْلِ قدْ جُمِعُوا
أنّى لَهُ أَنْ تَمَشَّى فَوقَهُ الجِيَفُ؟!!

حَشِّدْ لَهُ الخَيْلَ وَامْلأْ سَاحَهُ غَضَبًا
واجْعَلْ سَمَاءَكَ بالصَّيْحاتِ تَرتَجِفُ

واهْتِفْ عَلَى بابِهِ: اللهُ غايتُنا
فالفَاتِحونَ لِغَيْرِ اللهِ مَا هَتَفُوا

واحْمِلْ لهُ كلَّ قلْبٍ ذاكِرٍ عَطِشٍ
إلى الشّهادةِ مَجْنُونٌ بِهَا شَغِفُ

الآلِفونَ حِياضَ المَوْتِ … يَسْبِقُهُمْ
بَأْسُ الصّحابةِ؛ ما كَلُّوا وَما ضَعُفُوا

إنّي لأُكْبِرُ شِعْرِي عَنْ شراذِمَةٍ
فَكَيْفَ تَعْذُرُنِي الأبْيَاتُ إنْ وُصِفُوا؟!!

بِالشّعرِ وَالسَّيْفِ أُعْلِي كُلَّ عالِيَةٍ
وسوفَ أُسْقِطُ مَنْ فِي وَجْهِهِ وَقَفُوا

نَذَرْتُ لِلْمَسْجِدِ الأَقْصَى رَوَائِعَهُ
وَقُلْتُ: هَاكَ فَإنّي الشّاعِرُ الكَلِفُ

أنْشَدْتُهُ السِّحْرَ إمّا قلتُهُ بُهِتَتْ
أَمَامَهُ عُظَماءُ الشّعرِ وَانْصَرَفُوا

أَنَا أَمِيْرُ القَوَافِي وَهْيَ شارِدَةٌ
فَكَيْفَ وَهْيَ على الأَعْتابِ تَعْتَكِفُ؟!!

بِاللهِ … باللهِ … إمّا مِتُّ مُغترِبًا
عنِ الحبيبِ وطالَ البُعْدُ والدّنَفُ

فاحْمِلْ إلى كَفَنِي مِنْ زَيْتِهِ نُطَفًا
ورُشَّها؛ فَشِفَائِي تِلْكُمُ النُّطَفُ

وَامْلأْ عُيُونِي بِهَا عَلِّي إذا سَأَلَتْ
مَلائِكُ الله، عنّي الهولُ يَنْكَشِفُ

وَخُذْ مِنَ الأرضِ مِنْ زَيْتُونِهِ غُصُنًا
وَوَسِّدَ الرّاْسَ، ولْيُسْنَدْ بِهِ الكَتِفُ

إنّي وقفْتُ على آياتهِ دُرَرِي:
لا يَرْجِعُ الحَقُّ حتّى يَرْجِعَ الشّرَفُ

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.