شعار قسم مدونات

جنود وضباط صهاينة يقعون في غرام المقاومة

blogs-ح-ماس

سعى الاحتلال الصهيوني والمتساوقون معه لصناعة هالة إعلامية لجعل "جيش الاحتلال" أسطورة وترسيخ قناعة لدى الناس بأنه جيشٌ لا يقهر، إلا أن هذه الأسطورة تنهار شيئًا فشيئًا أمام ضربات المقاومة وتكاد تتلاشى؛ فلم يثبت في ميدان المواجهة أن جنود الاحتلال قاموا بعملٍ بطولي، وكان ديدنهم دومًا الهرب والاختباء والقتال من خلف الحصون والجدر.

وتفوق الاحتلال العسكري ليس مقرونًا بمدى شجاعة جنوده وقوتهم أو استبسالهم في المعركة فهذه الأمور معدومة وليس من باب السخرية القول بأن الجنود الصهاينة لا يركبون المدرعات إلا وهم يلبسون "الحفاظات" لأنهم يخشون النزول منها لقضاء حوائجهم، وهذه حقيقة شاهدنا آثارها في قطاع غزة، فبعد دخول الاحتلال لبعض المناطق في أطراف القطاع أكثر ما كنا نجده من آثارهم هذه "الحفاظات".

استفاق الصهاينة على صدمة حين اكتشفوا وجود عشرات الحسابات الوهمية على مواقع التواصل الاجتماعي بأسماء فتيات يستخدمها كوادر الجهاز الأمني التابع لكتائب القسام من أجل تكوين علاقات وصداقات مع جنود الاحتلال

إنما تفوق الاحتلال عسكريًا كان مرتبطا على الدوام بترسانته العسكرية وتطورها التكنولوجي، وكذلك التفوق الاستخباراتي والأمني الحاسم، ومن أبرز أدوات الاحتلال الأمنية والاستخباراتية كانت النساء، ومن خلالهن كان الاحتلال يجمع المعلومات أو يسقط الأفراد المستهدفين ليقعوا في حباله، وكانت المقاومة الفلسطينية على الدوام تعمل ضمن دائرة رد الفعل وتحصين دفاعاتهم دون المبادرة بالهجوم مع أن "خير وسيلةً للدفاع الهجوم"، وهذا وفر للاحتلال أجواء أكثر راحة واطمئنان.

وكانت المقاومة الفلسطينية تعيش وحدها هواجس الاختراق والتجسس والتنصت وكانت تطلب من أفرادها في بداية انتشار مواقع التواصل الاجتماعي عدم الانضمام لها لمخاطرها الكثيرة المفترضة والواقعية، إلا أن المقاومة قررت قلب المعادلة وباتت اليوم تطلب من أفرادها المبادرة بالهجوم واستخدام أساليب الاحتلال للإيقاع بجنوده وضباطه وهذا ما كشفت عنه الصحافة العبرية أول أمس.

فقد استفاق الصهاينة على صدمة كبيرة حين اكتشفوا وجود عشرات الحسابات الوهمية على مواقع التواصل الاجتماعي بأسماء فتيات يستخدمها كوادر الجهاز الأمني التابع لكتائب القسام من أجل تكوين علاقات وصداقات مع جنود الاحتلال وضباطه من الوحدات المختارة وبالغة الأهمية، وقد نجحوا في اختراق هواتف وحواسيب عشرات الجنود والضباط وتنصتوا على اجتماعات لقوات الاحتلال وحصلوا على بيانات ومعلومات سرية.

وهذا الأسلوب في الاختراق هو من أذكى وأخطر أساليب الاختراق التي من الصعب اكتشافها أو إنهاؤها فهو يعتمد بالأساس على الهندسة الاجتماعية فبالإضافة إلى ضرورة إتقان القائم بالاختراق للغة المستهدف وهي هنا العبرية يجب عليه أيضًا أن يتمتع بالذكاء وسرعة البديهة حتى يستطيع كسب ثقة الضحية بسرعة؛ فإذا كسب الثقة وتوثقت العلاقة بين الطرفين يكون كل شيء بعد ذلك سهلًا، وحسب الصحافة العبرية فإن أحد جنود الاحتلال أفاد خلال التحقيقات بأنه وقع في غرام فتاة من البرازيل وباح لها بكل أسراره وفي النهاية اكتشف بأنها شاب من غزة.

ورغم أن هواتف جنود الاحتلال وأجهزتهم محمية بتطبيقات خاصة إلا أن الجهاز الأمني التابع للقسام استطاع حسب الإعلام العبري تطوير تطبيق يحذف تطبيقات الحماية أو يمنع عملها ويقوم بتحويل الهاتف إلى أداة تجسس كاملة فيقوم بالتصوير والتسجيل وإرسال البيانات دون علم الضحية والاحتلال متخوف جدًا من حجم المعلومات وأهميتها التي استطاعت المقاومة الوصول إليها والحصول عليها.

الاحتلال الذي يعيش في غرور أساطيره ونشوة سيطرته وتحكمه بقادة أجهزة ودول لم يكن يتوقع أن يقوم أحد بمحاولة التجسس عليه أو اختراق أجهزته

نحن أمام نوع جديد من أنواع المقاومة وتفوق أمني وتكنولوجي ذكي سيجعل الاحتلال يعيش الهواجس والكوابيس حتى من الواقع الافتراضي، وسيحرمهم من قضاء أجواء مريحة على هذه المواقع، فليس من حقهم الأمن والاطمئنان ما داموا يسرقون الأرض ويعتدون، وهذا جيشهم الذي لا يقهر أصبح مهزلةً يضرب به المثل في البلاهة والسذاجة، فبينما كان أحدهم يظن نفسه يحدث "أديل" ويسهر معها الليالي ويبوح لها بالأسرار والأحاسيس ويعبر عن غرامه بالكلمات والأقاويل وجده في النهاية "أبو إسماعيل".

فالاحتلال الذي يعيش في غرور أساطيره ونشوة سيطرته وتحكمه بقادة أجهزة ودول لم يكن يتوقع أن يقوم أحد بمحاولة التجسس عليه أو اختراق أجهزته حتى فاجأته كتائب القسام بدخولها إلى قلوب جنوده وضباطه وليس فقط أجهزتهم واجتماعاتهم وأماكن عملهم، وكما حطمت المقاومة رؤوس الجنود الصهاينة اليوم تحطم قلوبهم وتصيبهم بالخيبة في عملية اختراق لربما هي الأجرأ والأوسع في تاريخ المقاومة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.