شعار قسم مدونات

القضية الفلسطينية.. مارسيل خليفة أو إضراب الكرامة؟

blogs - فلسطيني
هل سأل أحد نفسه ماذا تعني هذه الكلمة، أو الكلمتان من أجل الموضوعية، القضية الفلسطينية، هذا المصطلح الذي صار مع مرور الزمان مشاعا للبشرية أجمع. كلٌ يسقط عليه نظرياته وأفكاره، ماذا يعني يا ترى؟ هل يعني صائب عريقات، مفاوضات، اجتماعات، طاولات؟ أو يعني ياسر عرفات، كوفيات، أوسلوات، تنتج محمودات عباسات، وتنسيقات أمنية، عتيقة للبيع وللمتاجرة بدماء الشهداء، الذين سقطوا وما زالوا ينهمرون من السماوات العلى، وينبعثون من تحت الأراضين، يخرجون للمحتل الأرعن مغتصب الأراضي والأعراض، يخرجون وفي أيديهم وأعينهم وفي كل ذرة من أجسادهم بأسٌ شديد، بأسٌ شديد يزلزلون به نفوس المحتلين.
"ولو شاهدت عيناكَ إذ زلزلت أرضُ النفوسِ ودكتِ الأجبالُ لرأيتَ شمسَ الحقِ تسطعُ نورها عند التزلزلِ والرجالُ رجالُ". يقول الشيخ الاكبر إبن عربي

من نور أعينهم، أعينِ المقاومين يسطعُ نورُ الحق، ليبثَ الرعبَ في قلوبِ المحتلين، مغتصبِ الأرض، قاتلِ الشيوخِ والأطفال، مهجرِ الملايين عن أوطانهم، عن بيوتهم ومدنهم وقراهم، عن قهوة ِأمهاتهم وخبز أمهاتهم، اللاتي غنَّ لهنَّ مارسيل خليفة فنان القضية وخليفتها.

مارسيل الذي صار يشم رائحة خبزِ أمهِ من تكساس، أي الولايات المتحدة الأميركية، أي الداعم الأساسي للمحتل الصهيوني، الولايات المتحدة أي سلاح، سلاح أي مجازر، مجازر أي أطفال رضع ونساء ونواح. وكما قال ت.س إليوت في نهاية قصيدته: "هكذا ينتهي العالم لا بضجة عنيفة إنما بنواح خافت".

القضية هي مروان البرغوثي، أو ابتسامة مروان البرغوثي الدائمة، وكأنه يقول للعدو من خلال ابسامته تلك: إنكم إلى زوال و ستهزمون لدي يقين بذلك، القضية هي الغضب الكامن في نواة الروح، هي الانتفاضة.

وهنا نسأل مارسيل خليفة ترى ماذا تعني لك القضية الفلسطينية (ها)؟ باللهجة الفلسطينية نسألك، صار مارسيل خليفة مع مرور الوقت فنان ما بعد النقد فنان فلسفي آت من عوالم بعيدة، عوالم العشق والحب والرومنسية. أو لم يعلم أن فعل المقاومة والشهادة والكفاح المسلح هو أرقى أنواع العشق والحب؟ من الممكن أنه لا يعلم، قد نكون ظلمناه، قد نكون أحببناه فنصحناه. إن لم يرتبط الفن الثوري ارتباطاً وثيقاً بالكفاح المسلح فلا قيمة له. (لقد سقط القمرُ حقاً).

نستحضر كلمات الموتى بأجسادهم الأحياء بكلماتهم، وبصوت محمود درويش نقول لك: (سقط القناع). 

دعكم من ياسر عرفات وعريقات ومحمود عباس ومارسيل خليفة وآراب آيدول وحل الدولتين وأوسلو والتنسيق الأمني والقمم العربية. وهنا ينطبق على القمة العربية قول بعض المؤرخين أن كلمة (عرب) ذات صلة بكلمة (Arabha) (عرابا) العبرية التي تعني الأرض المظلمة، أو بكلمة (Erebh) (عيريب) التي تدل على الفوضى والحياة غير المنظمة. دعكم من الأمم المتحدة، وناصر قنديل (قنديل هنا قضية بحد ذاته). دعكم منهم جميعاً فبالتأكيد هؤلاء لا يمثلون القضية.

القضية الفلسطينية ماذا تعني إذاً؟ هي فلسطين واحدة لا ثالوث مقدس فيها ولا تقبل القسمة لا على اثنين أو ثلاث، نظراً لأن الواحدية المتضمنة في التثليث خلو من كل علاقة باطنية ومن كل تقسيم إلى ثلاثة.
مهما قسموا في الظاهر، فلسطين في الباطن واحدة، في كل فرد مؤمن بالقضية حقاً، في لا وعيهِ فلسطين واحدة. هي باسل الأعرج، صوتي واضح، صوتي عالي، هي ثقافة الاشتباك من نقطة صفر، هي أحمد ياسين، هي حماس، هي القسام، هي الأنفاق، هي البحر، بحر غزة وسمائها، هي عائد إلى حيفا مع كنفاني، هي الأسرى، جوع الأسرى، قهر الأسرى، بكاء الأسرى، وبكاء عائلاتهم وأطفالهم ونسائهم.

هي شجرة في السماء السابعة، ينتهي إليها علم الملائكة ولا يعلم أحد ما وراءها، وهي نهاية مراتب الجنة تأوي إليها أرواح الشهداء فهي الروح الأعظم الذي لا تعيين وراءها ولا مرتبة ولا شيء فوقها إلا هوية المحض.

قد يقول غير المؤمنين بالقضية نريد معجزة لنؤمن. ألا يكفي أن الأسير من خلف القضبانٍ يزرعُ في رحمِ زوجتهِ طفلاً، يرسلُ نطفتهُ سراً، بأنبوب بلاستيكي، أليس ذلك معجزةً؟ أليس ذلك الفعل آيةً؟
بلا، بل أكثركم لا يؤمنون.

القضية هي مروان البرغوثي، أو ابتسامة مروان البرغوثي الدائمة، وكأنه يقول للعدو من خلال ابسامته تلك: (إنكم إلى زوال و ستهزمون لدي يقين بذلك)، القضية هي الغضب الكامن في نواة الروح، هي الانتفاضة، هي محمد الدرة ويدُ أبيه، تصدُ الرصاص صداً. الغضب الذي سيجعل عاليها سافلها، على رؤوس المحتلين الصهاينة. الأمر واضح لا يحتاج إلى إسقاطات فلسفية أو وجهات نظر. بل يحتاج إلى رياح وأعاصير تشعل الجمر الذي يقبع تحت الرماد. للرمادي ألوانُ عدة والقضية لا تحتاج الرماديين. تحتاج لونا قويا واضحا، الأحمر لونُ القضية، أحمر لون الدم، لا لونُ عشقْ مارسيل خليفة، بل لونُ النار تحرقُ من عليها. أحمر لون الدم، دم الشهداء، الأحياء عند ربهم الأموات عند قاتلهم. أحياء في سدرة المنتهى في جنة المأوى.

يقول ابن عربي صاحب الفتوحات المكية عن سدرة المنتهى: (هي شجرة في السماء السابعة، ينتهي إليها علم الملائكة ولا يعلم أحد ما وراءها، وهي نهاية مراتب الجنة تأوي إليها أرواح الشهداء فهي الروح الأعظم الذي لا تعيين وراءها ولا مرتبة ولا شيء فوقها إلا هوية المحض).السدرة هي المقام الأخير التي تأوي إليه أرواح الشهداء ولذلك سميت بجنة المأوى.

القضية إذاً هي سدرة المنتهى، هي جنة المأوى، هي جنة الشهداء، هي الحقيقة المحض، هذه هي القضية، الهدف واضح ومحدد ودقيق، إزالة إسرائيل من الوجود.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.