شعار قسم مدونات

مصر تنقذ روسيا!

مدونات - روسيا ومصر
في منتصف إبريل 2016، كان الملك سلمان في زيارة رسمية لمصر، ليرتب عملية تنازل مصر للسعودية عن جزيرتي تيران وصنافير، فيما عرف باتفاقية ترسيم الحدود البحرية. ازداد غضب الشارع المصري، فانشغل بأمر الجزيرتين عن خبر صغير نشره موقع جريدة الوطن، المعبرة عن النظام المصري.

يفيد الخبر أن مصر اشترت من روسيا 50 طائرة حربية "ميغ 29″، ضمن "صفقة أسلحة كبيرة جدا" تضم أيضا منظومة دفاع جوي متطور، و46 طائرة "ka-52". وقد نقلت الصحيفة الخبر عن موقع متخصص في الأخبار العسكرية. أشار إلى أن الصفقة تصل قيمتها إلى 5 مليارات دولار تقريبا، كما أضاف تفاصيل أخرى عن الطائرات، التي بدت جاهزة لمعارك جوية عنيفة، فهي، مثلا، قادرة على التزود بالوقود أثناء الطيران. وقد ذكرت وكالة "سبوتنيك" الروسية أن هذه الصفقة شملت أكبر عقد في تاريخ التعاون العسكري التقني وقعته شركة "روسوبورون إكسبورت" لصناعة السلاح منذ انهيار الاتحاد السوفيتي.

على صفحة بوابة الدفاع المصرية على الفيس بوك احتفى أنصار السيسي كثيرا بهذه الأخبار، لكن أحدا لم يشرح لنا السبب في أن تدفع مصر مليارات الدولارات لتشتري طائرات تحارب بحيث لا تحتاج للهبوط حتى تتزود بالوقود، ما هذه المعارك التي لا وقت فيها حتى للتزود للوقود؟ تتضح الصورة أكثر إذا تأملنا ما نشرته صحيفة الفجر عن شراء دول قريبة من مصر طائرات أقل، مثلا: اشترت الجزائر 14 طائرة سوخوي من روسيا في العام ذاته 2015، واشترت نيجيريا 12 مروحية مقاتلة من روسيا أيضا. ثمة فرق كبير في عدد الطائرات وتنوعها.

هليكوبتر كا 52  (الجزيرة)
هليكوبتر كا 52  (الجزيرة)

بعض المواقع ظلت تتغنّى بمحاسن تلك الطائرات، نقلا عن بوابة الدفاع المصرية، مثل نظام التحذير من أشعة الليزر.. لمواجهة وسائل الدفاع الجوي والمقاتلات المعادية والصواريخ جو – جو.. هل يمتلك الإرهابيون طائرات وأسلحة للدفاع الجوي؟ مرة أخرى يلحّ السؤال: ما جدوى هذه الطائرات؟ ربما ستحمي بها مصر سيادتها: حدودها وجزرها.

صحيفة البيان الإماراتية كان لها تعليق على السبب وراء الصفقة المصرية: "وقد تكون روسيا أمدت مصر بشروط سخية لتأمين طلب التصدير، الذي يساعد على إبقاء خط إنتاج طائرات «ميغ-29/35» مفتوحا على غرار ما فعلته فرنسا مع "رافال". وتسهم طلبات شراء طائرات «ميغ-29» في الإبقاء على خط الإنتاج الخاص بهذه الطائرة لنحو 5 سنوات مقبلة، منعشة القدرات الإنتاجية التي ضمرت خلال السنوات الأخيرة". هكذا تلعب أموال دافعي الضرائب المصريين دورا مهما في إنقاذ صناعة السلاح الروسية والفرنسية، بدلا من الرغيف المخبوز بالرمل، الذي اعتاده المصريون الفقراء.

ولأن "ستر" المعروف واجب أخلاقي، حرص النظام المصري، بإنسانية يُحسد عليها، على إخفاء بعض أسراره، حيث صرح السفير الروسي "كيربيتشينكو" بأنه "يوجد عنده الكثير من المعلومات حول صفقات الأسلحة الفتاكة التي تتم بين مصر وروسيا، ولكن لا يمكنه الإعلان عنها لرغبة الجانب المصري في ذلك". وقد نقل ذلك التصريح، المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية، ضمن تقرير مفصل يضم سردا وافيا لصفقات السلاح الذي اشترته مصر من روسيا مؤخرا.

وعلى ذكر الطائرات، لم ترفع روسيا، حتى اللحظة، الحظر الذي فرضته على استخدام المطارات المصرية التي تراها غير آمنة، منذ سقوط الطائرة الروسية المنكوبة في مصر، أكتوبر 2015، رغم مناشدات لا تنتهي من الرئيس المصري ووزرائه ومسئوليه وإعلاميّيه، والأغرب: رغم وعود مسئولين روس كثيرين باستئناف الرحلات الجوية الروسية إلى مصر؛ وهو ما دفع بعض المنابر الإعلامية إلى التساؤل: "إلى متى تتلاعب روسيا بمصر؟"

__________________________________________________
المراجع:
خبر صحيفة الوطن
مزايا الميغ في المعارك الجوية
تعليق جريدة البيان
صفقات الجزائر ونيجيريا
قائمة تفصيلية بالأسلحة الروسية التي اشترتها مصر، وتصريح السفير الروسي عن سبب سريتها

"إلى متى تتلاعب روسيا بمصر؟"

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.