شعار قسم مدونات

لماذا يعتبر استشهاد نور بركة نقمة على نتنياهو؟

blogs نتنياهو

كان يهدف وزير الحرب لدولة الكيان الصهيوني، أفيغدور ليبرمان، إلى إظهار نفسه كبطل بعد الانتهاء من العملية الاستخباراتية التي خطط لها بأن تكون هادئة وسرية شرق خان يونس جنوب قطاع غزة، والتي كانت تهدف لخطف القيادي في كتائب القسام، نور بركة، وكما يبدو كان الجانب الصهيوني يتمنى من وراء تلك العملية إجراء مفاوضات مع حماس ليس فقط لتحرير الأسرى من جنود الاحتلال لدى حماس، ولكن أيضا لتخفيف حدة مسيرات العودة الغزية أو إيقافها نهائيا والتي وضعت دولة الكيان الصهيوني في وضع حرج للغاية أمام الرأي العام العالمي الرسمي والشعبي، قبل أن تنقلب تلك العملية الاستخباراتية رأسا على عقب مما استوجب في النهاية تدخل سلاح الجو الصهيوني لخلق غطاء حتى تتمكن تلك القوة الخاصة من الانسحاب.

يبدو أيضا أن ليبرمان كان تعرض لاتهامات وانتقادات كالها له وزير التربية والتعليم في دولة الكيان، نفتالي بينيت، حيث أتهمه بأنه يقدم الرشاوي لحماس من أجل الحصول على التهدئة في المقابل، فحاول ليبرمان أن يُظهر نفسه كبطل أمام وزير التربية وباقي الشعب اليهودي في دولة الكيان الصهيوني، وحاول الأخير أن يؤكد ونتنياهو للجانب الفلسطيني وبالذات الغزي بأنه حتى لو أنهم في إسرائيل يبحثون عن تهدئة وسمحوا أيضا للأموال القطرية بالدخول إلى غزة من خلالهم، إلا أنهم أيضا ما زالوا يملكون اليد الطولى والعليا، فجاءت تلك العملية على العكس لتكون عنوان في الفشل العسكري.

 

الأمر الذي حَمَل نتنياهو على قطع زيارته إلى فرنسا والعودة على عجل لتدارك تداعيات تلك العملية الفاشلة، حيث كان يشارك هناك في مؤتمر دعا إليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إحياءً لمرور قرن على انتهاء الحرب العالمية الأولى، وأول قرار أصدرته حكومة دولة الكيان بعد تلك العملية الفاشلة هو تعليق دوام المدارس في المستوطنات الملاصقة للشريط الحدودي مع قطاع غزة، وإطلاق صفارات الإنذار في كامل المستوطنات على حدود القطاع، وطلب جيش الاحتلال من مطار بن غوريون تغيير مسارات الطائرات القادمة والمغادرة من تل أبيب، وهذا دليل صارخ على أن العملية لم تؤتي أكلها بالمرة وأنها ربما خرجت عن السيطرة، لكن وفي نفس الوقت لا يمكن أن تتم عملية كهذه العملية دون علم مسبق من بنيامين نتنياهو.

تلك العملية العسكرية الفاشلة قد تحمل بنيامين نتنياهو على عدم قدرته على النوم لأيام قادمة، وتضع جيش الاحتلال الصهيوني في حالة حرب دون إعلان، فهي ربما تصنف كأفشل عملية عسكرية استخباراتية

الواضح أيضا أنه لم يكن الهدف هو قتل القيادي في كتائب القسام، نور بركة، كما أكدت ذلك القناة العبرية العاشرة حين أعلنت عن فشل تلك العملية الاستخباراتية، وإلا ما معنى تصريحات نتنياهو في فرنسا قبل ساعات من العملية بأنه يسعى وحكومته لتعزيز سبل التهدئة مع حماس وقطاع غزة، لكن يبدو أن العملية أتت على كم هائل من الفشل العسكري بعد أن كان الهدف منها تأكيد تلك اليد العليا بهدوء ودون أية شوشرة بعد أن تم كشفها فورا من قبل المقاومين الفلسطينيين حين توغلت لثلاثة كيلو مترات داخل قطاع غزة، فلاقت مقاومة شرسة من المقاومين الفلسطينيين الغزيين، الأمر الذي أدى في النهاية إلى خروج العملية عن السيطرة مما أدى إلى مقتل ضابط صهيوني رفيع وجرح جندي وصفت جروحه بالخطيرة أيضا حسب القناة العبرية العاشرة، واستشهاد ستة مقاومين فلسطينيين من بينهم القيادي المنشود في كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس.

أعتقد أعزائي القراء أن تلك العملية العسكرية الفاشلة قد تحمل بنيامين نتنياهو على عدم قدرته على النوم لأيام قادمة، وتضع جيش الاحتلال الصهيوني في حالة حرب دون إعلان، فهي ربما تصنف كأفشل عملية عسكرية استخباراتية يقوم بها يوما جيش الاحتلال، خاصة وأن حكومة الاحتلال تسعى منذ شهور من خلال وساطات مصرية وغيرها للحؤول دون استمرار مسيرات العودة الغزية التي أنهكتها سياسيا أمام العالم، واسمحوا لي بأن أعتقد جازما أن نتنياهو يتمنى الآن بأن تتاح له الفرصة ليشارك في تشييع جثامين الشهداء الغزيين الستة وعلى رأسهم القيادي القسامي بركة، كتعبير عن أسفه البالغ عن الحماقة التي اقترفها حين وافق لليبرمان عل القيام بهذه العملية، لكن هيهات وحماس تنتظر خطأ جسيم كهذا الخطأ لتضع دولة الكيان الصهيوني في زاوية حرجة أكثر ضيقاً من تلك التي كانت فيها منذ انطلاق مسيرات العودة الغزية.

كيف سيخفف نتنياهو من وقع تلك المأساة على شعبه حين عادة القوة العسكرية الخاصة التي توغلت في غزة وهي محملة بضابط رفيع قتيل وجندي على حافة الموت، ولولا الغطاء التي قامت به طائرات سلاح الجو لما عادت تلك القوة الخاصة بالمرة؟ موقف نتنياهو الآن صعب أمام الشعب الذي لا يغفر أبداً موت أبنائه على أيدي الفلسطينيين، فما بالكم لو كان القتلى من القوات الخاصة والنخبة في جيش الاحتلال الصهيوني؟ نتنياهو وجيشه وحكومته لا يبدو أنهم يخسرون سمعتهم أمام الرأي العام العالمي فحسب، بل أيضا يخسرون أمام الشعب الذي لا ينفك يتلقى ضربة تلو الأخرى تحمله على الهجرة العكسية التي تشكل تحدي كبير أمام نتنياهو وحكومته، والذي ربما يعتبر من أكبر التحديات اليوم.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.