شعار قسم مدونات

لماذا سُجِن أولمرت ولم يُسجن نتنياهو؟

مدونات - نتنياهو وأولمرت
مع أن دولة الكيان الصهيوني كانت قادرة على أن تحرز تقدما ملموسا على مؤشر مدركات الفساد العالمي بحيث تتحسن صورتها أمام المجتمع الدولي بعيدا عن عنصريتها وإجرامها، إلا أن ذلك ربما لا ينطوي على شفافية كبيرة حين نقارن انتماءات المسؤولين في دولة الكيان الصهيوني والذين اتهموا بالفساد وبين الإلحاح على تنفيذ العقوبة بحقهم.
فبينما تلاحق رئيس حكومة دولة الكيان الصهيوني الحالي بنيامين نتنياهو ثلاث قضايا تتعلق بالفساد والتي يشار لها بالقضايا 1000 و2000 و3000، بحيث تتعلق الأولى بتلقي نتنياهو وزوجته سارة أموالا ورشاوى تقدر بعشرات الآلاف من الدولارات، والثانية تتعلق بما يربط نتنياهو من علاقات بمالك صحيفة "يديعون أحرونوت" حول الحد من انتشار صحيفة منافسة بحيث تحظى الأولى بتغطية أفضل، أما القضية الثالثة والتي يطلق عليها أيضا قضية الغواصات فهي تتعلق بقضية فساد وسوء ائتمان من خلال شراء مركبات بحرية وغواصات من ألمانيا.

هؤلاء هم اليهود، فعقيدتهم التلمودية المريضة التي تدعو اليهودي من خلال التوراة المحرفة إلى قتل وسلب وسرقة واغتصاب وخيانة أي شخص غير يهودي، وفي يوم الغفران تمحى هذه الذنوب
هناك الكثير من المسؤولين الصهاينة في الكنيست والحكومة، ومسؤولين كبار كرؤساء حكومات تم اتهامهم بقضايا فساد، والملحوظ أن جل هؤلاء كانوا ينتمون إلى حزب الليكود اليميني أو أحزاب يمينية متطرفة أخرى عدا فارق بسيط ميَّز رئيس الحكومة السابق إيهود أولمرت، الذي ربما كان الأكثر يسيارية من بين هؤلاء اليمينيين الذين اتهموا بقضايا فساد، وأولمرت يقبع الآن خلف القضبان حتى ينهي محكوميته البالغة ثلاث سنوات في قضية فساد.
 
ليس كما حصل مع رئيس الحكومة السابق عيزر فايتسمان حين تم الاكتفاء بعزله عن منصبه بعد أن ثبت تورطه بقضية فساد شملت مئات الآلاف من الدولارات  في ما سُمي وقتها بقضية سروسي، وفايتسمان كان عضوا بالليكود، بينما تم الحكم بالسجن سبعة أشهر بحق رئيس الحكومة أرئيل شارون بقضية فساد، والرئيس موشيه كاتساف، الذي حكم عليه بسبع سنوات وكان لا بد له من تنفيذ عقوبته، خاصة وأنه اتهم بقضايا جنسية وقضايا اغتصاب، ووزير المالية السابق أبراهام هيرشزون من حزب كاديما والليكود سابقا، حيث اتهم بالسرقة والاحتيال، وخيانة الأمانة وتبييض الأموال، فحُكم عليه بخمس سنوات وخمسة أشهر، وغرامة مالية كبيرة، ووزير الداخلية الحالي بحكومة نتنياهو أرييه درعي، حيث أدين نهاية القرن الفائت بتلقي رشاوى وبالاحتيال وخيانة الأمانة، وحكم عليه بثلاث سنوات قضى منها سنتين فقط، وبعد أن لحق به العار عاد في 2012 ليترأس الحزب اليميني المتطرف "شاس" وليمثله في الكنيست لعدة مرات.
  
إيهود أولمرت (يمين) وننتياهو (يسار)  (رويترز)
إيهود أولمرت (يمين) وننتياهو (يسار)  (رويترز)

 
كيف لمسؤولين حكوميين أن يدانوا بهكذا قضايا مخزية، وكيف لهم أن يستمروا في حياتهم السياسية؟ هذا ما تفسره بنية المجتمع الصهيوني داخل كيانهم العنصري، لاحظ عزيزي القارئ مثلا أن نتنياهو يتصرف وكأن شيئا لم يكن، بينما الأجدر له أن يقدم استقالته من رئاسة الحكومة وترك الحياة السياسية إلى الأبد كما يفعل المسؤولون الحكوميون عادة في المجتمعات الديموقراطية التي تدعي دولة الكيان الصهيوني أنها منها؛ لكن المجتمع الصهيوني يعجبه تطرف نتنياهو، فهو يبني المستوطنات ويصادق على شرعنة غيرها من المستوطنات العشوائية، ويلوح بحرب جديدة على غزة، ويقتل ويعتقل الأطفال ويهود القدس وكامل الضفة الغربية، وهو فوق ذلك لا تعنيه عملية السلام مع الفلسطينيين بالمرة، لذلك لا يوجد ضغط شعبي كبير لدفعه إلى الاستقالة أو للضغط على الشرطة والحكومة للإسراع في التحقيق وتقديمه إلى المحاكمة ومن ثم سجنه وإلحاق الخزي والعار به.
  
وكما لاحظنا فمعظم الفاسدين الحكوميين من منتسبي حزب الليكود إن لم يكن جميعهم، أو من أحزاب يمينية متطرفة كالحزب الحر يديمي شاس، وكأن هؤلاء الفاسدين يسندون ظهرهم بتطرفهم الذي يروق للشعب الصهيوني ويُسيل لعابه دائما.
 
هؤلاء هم اليهود، فعقيدتهم التلمودية المريضة تدعو اليهودي من خلال التوراه المحرفة إلى قتل وسلب وسرقة واغتصاب وخيانة أي شخص غير يهودي. وفي يوم الغفران تمحى هذه الذنوب، لم يستطيعوا إخفاء تعاليمها النجسة القذرة من خلال سكوتهم على فساد المتطرفين المجرمين في حكوماتهم المتعاقبة، بينما لم يجرؤ على الفساد أولئك المسؤولون الحكوميون اليساريون أو المنتمون إلى حزب العمل وأحزاب يسارية أخرى.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.