شعار قسم مدونات

شهر عسل أم شهر بصل؟!

BLOGS الطلاق / مشاكل الزواج

يروي أحدهم قصته فيقول: بعد بحث مضن وماراثوني عن شريكة حياة تقاسمنى العيش بمرّه وحلّوه وبعد صولات وجولات ومحادثات ومفاوضات دامت سنين طوال تحقّق الهدف واتضحت الرؤية ولاح في الأفق نجم لامع منير ساطع فتاة يبدو على وجدانها السكينة والوقار والعواطف الجيّاشة التي شدّت انتباهي وجعلتني مشدوها إليها إلى حد كبير.

كانت أول مقابلة معها في معهد للّغات بمدينة هرجيسا وكنت معلما مؤقتا فيها إذ أن إدارة ذاك المعهد قد طلبت منّي بأن أقوم بتدريس الطلاب لمدة شهر واحد فقط بديلا لأحد المعلمين الذي قام بسفر قصير إلى مدينة أخرى لزيارة أهله هناك وافقت على طلب إدارة المعهد وقمت بتدريس مادة اللغة العربية للطلاب وقد حزت إعجابهم نظرا للخبرة التي أمتلكها طوال تدريسى لهذه اللغة مدة تزيد عن عشر سنوات وكان الطلاب من كلا الجنسين غالبيتهم إناث وبعد إتمام مدة الشهر وبعد قضائي مدة ممتعة في هذه الفترة الوجيزة مع الطلاب أعطيتهم رقم جوالي ليقوموا بالتواصل معي.

وفي أحدى الليالي التي تلت ذاك الشهر وصلتني رسالة عن طريق الواتساب من إحدى المتصلات والتي لم تكن -بعد قرائتي فحوى الرسالة- ضمن الشخصيات التي أعرفها فلم آبه بها ولم ألق لها بالا وعاودت المتصلة ذاتها إرسال رسائل أخرى وبشكل متواصل فانتابني الفضول بالتحدث معها والتعرف عليها عن كثب، سألتها عن اسمها فقالت لي: اسمي فلانة وسألتها أيضا إن كانت من الطلبة الذين درستهم في السنين الماضية فأجابت بالنفي فقلت لها: إذا أنت من طلابي الحاليين فأجابت أيضا بالنفي وقالت: أنها من ضمن الطلبة الذي درستهم بمعهد اللغات. رحبت بها وشكرتها على تواصلها، وأبدت رغبتها الملحّة على أن تتواصل معي وافقت على طلبها هذا مع الحذر الشديد نظرا لعدم معرفة شخصيتها ولجهلي بأحوالها.

ليس كل الذي يلمع ذهبا فالكثير من الخصال التي تراها من الطرف الآخر سواء كان من الرجل والمرأة ليست بالحقيقة التي تعتقدها دائما فتوقّع تبدلها دائما

مرّت الأيام والليالي فوجدت قلبي متعلقا بها وشغوفا بالاتصال بها وقد أبدت الفتاة صراحة بعد أحاديث طويلة ومتشعبة حبها لي وتعلّقها بي والأعظم من ذلك فقد أظهرت تمنّيها الشديد بأن أكون مقترنا بها يربطني بها رباط الزوجية وكانت تناديني في كثير من الأحيان حبيبي فبادلتها نفس المشاعر وقويت تلك العلاقة وصارت لنا مواعيد ولقاءات تكلّلت بعد أخذ وردّ وجزر ومدّ بموافقة الطرفين على الارتباط والزواج فتمّ بعد تحديد موعد القران.

حضر الأهل والأصدقاء حفلة المهر من كلا الطرفين وتجاوز عدد الحضور الـ40 شخصا وكم كانت فرحة الناس كبيرة بهذه المناسبة وانهالت التهاني والتبريكات من كل حدب وصوب بل وصل الأمر بأن تقام لي حفلات تكريمية من قبل الطلاب حتى يشعروني مشاركتهم لي هذه المناسبة الغالية.

وفي اليوم التالي التقيت بمخطوبتي في إحدى الفنادق وقضينا وقتا ممتعا هناك كانت من أفضل الأوقات التي مررت بها طيلة حياتي ومرّت أيام هذا الشهر بعجلة ممزوجة بالتقلبات فقد طرأ على المخطوبة بعضا من التغيرات النفسية من حيث التعامل اذ بدا بها تعكر في المزاج وعصبية غير معهودة ففي بعض المكالمات الهاتفية تتلمّس منها حدّة وانفعال تصل بعض الأحيان لحدّ البكاء بل وصل الحال بأن تطلب منّي أن أطلقها وإذا سألتها لم تطلبين الطلاق؟ وما هي الأسباب التي دعتك لهذا؟ أجابت أن ليس هناك سبب غير أنّي لا أريد أن أواصل الحياة الزوجية معك وتعترف أنها نادمة على ذلك الزواج ناهيك عن التذمّرات والشكاوي والاشتراطات التي أقضت مضجعي وأصابتني بالكآبة والإحباط والذهول والدهشة.

أحقا هي الفتاة التي عرفت بالهدوء والرومانسية والاحترام؟ أم هي شخصية أخرى تقّمصت شخصيتها وتلبست بها؟ أليس من العجب أن ترى تلك التصرفات الهوجاء في فترة تعتبر رمزيا من أفضل شهور العمر؟ أليس من حقي أن أتساءل بعدها: أشهر عسل أم شهر بصل!!

وأردف صاحب القصة في حديثه قائلا ناصحا لكل من يرغب بالزواج ليس كل الذي يلمع ذهبا فالكثير من الخصال التي تراها من الطرف الآخر سواء كان من الرجل والمرأة ليست بالحقيقة التي تعتقدها دائما فتوقّع تبدلها دائما بل أكاد أن أجزم أن التودّد والتعلّق الزائد الظاهر على المتحابين قبل الاقتران معرضة للاندثار والتهتّك بعد الارتباط في كثير من الحالات وربّما تؤول العلاقة تلك إلى مصير غير محمود عكس التوقعات والتأملات فيكون لسنا الحال كما قال الشاعر:

مَا كلُّ ما يَتَمَنّى المَرْءُ يُدْرِكُهُ تجرِي الرّياحُ بمَا لا تَشتَهي السّفُنُ

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.