شعار قسم مدونات

أرض ميعاد العرب بعيون رواية "شآبيب"

blogs شآبيب

عندما نتحدث عن الفنتازيا فإننا سنتحدث عن واقع غير المعتاد، عن واقع منظور إليه من زاوية ثانية، بنظرة مختلفة عن التي ننظر بها! لكن الفنتازيا تختلف عن الخيال العلمي والرعب؛ حيث إن الفانتازيا تصور عالماً لا يمكن أن يكون، وكذلك في توقع خلوها من العلم والموت، لكنها تعد نوعا أدبيا يعتمد على السحر وغيره من الأشياء الخارقة للعادة، ومن بين أبرز رواد هذا النوع في الأدب العربي أبو عمر مصطفى، وغيره كأحمد خالد توفيق الذي سنتحدث عنه اليوم. لقد صدر مؤخرا للراحل أحمد خالد توفيق رواية شآبيب عن دار الشروق، وهي تحمل طابع المغامرات والتشويق، وعن مصير العرب في إطار الفنتازيا التي صنعها لنا "العراب" كما يسميه الكثيرون.

أولا لنقف مع معنى شآبيب: هي كلمة فصيحة تعني الدُفعة من المطر، أما بالنسبة في الرواية هي أرض ميعاد العرب، كما كانت فلسطين لليهود، إذ يحكي الروائي في هذا العمل عن عالم يُضطهد فيه العرب، حتى بلغ بهم المطاف إلى درجة أنهم احتاجوا لوطن جديد إلى وطن يسكنون فيه، وهو شآبيب ويزعمون أن لهم في هذا الوطن تاريخا كما كان لليهود تاريخا في فلسطين على حد زعمهم، تمامًا كما جرى مع اليهود في الواقع، لكن هذه المرة المضطهد هم العرب وليس اليهود، وكذلك حلمهم بالرحيل إلى المدينة العريقة "شآبيب" في أرض لم يطأ العرب بها قدمًا، كما أرخ بشواهد كما لو أنها حقيقة، كيف اجتمع هو وغيره مع الرئيس الأمريكي وقادة المجتمع الدولي لتكون الفكرة حقيقة تاريخية وأن للعرب حضارةً في تلك الأراضي وتاريخًا مُحي بأمر من السلطة المغتصبة.

 

وكذلك كيف وجد العرب أنفسهم باختلاف أوطانهم وجنسياتهم أملا في تلك الأرض التي ليس لها واقع، رغم أن كل واحد منهم يوجد في مدينة وقارة مختلفة والجامع المشترك بينهم هو أنهم مضطهدون في جميع أنحاء العالم، فتبدأ مرحلة البحث والهجرة إلى الوطن الجديد-أرض الميعاد- حيث كان حلم واحد يلاحق مكرم؛ الأستاذ في جامعة هارفارد، هو أن يلتقي جميع عرب المهجر في دولة واحدة ، كان يحلم بإنشاء وطن واحد يجتمع فيه العرب بعدما تشتتوا في العالم، في هذا الوطن لن يستطيع أحد أن يضطهدهم ولن يخيفهم أحد، سوف تكون أقوى دولة لأنها ستكون ممزوجة بكل ما تعلموه في جميع الحضارات، فتأخذنا الرحلة الممتعة والمملوءة بالإثارة إلى شآبيب -أرض معاد العرب- التي صنعتها الرواية، بدءا من النرويج إلى الولايات المتحدة، مرورا بليبيريا ومصر وأستراليا، قبل أن تستقر عند خط الاستواء.

رحل عنا الأديب المصري أحمد خالد توفيق لكن أعماله تبقى خالدة، وكذلك يبقى السؤال مطروحا هل بالفعل سيتوحد العرب سواء كان ذلك عبر وطنهم الموعود المصنوع روايتا أو في الواقع
رحل عنا الأديب المصري أحمد خالد توفيق لكن أعماله تبقى خالدة، وكذلك يبقى السؤال مطروحا هل بالفعل سيتوحد العرب سواء كان ذلك عبر وطنهم الموعود المصنوع روايتا أو في الواقع
 

فهذه الرواية كروايته السابقة وعد جوناثان، كل ما أضافه إلى هذا العدد هو الكثير من الشخصيات، من أوطان مختلفة وصنع لكل شخصية منهم مقابل لها في نفس الوطن، ثم خلق لكل واحد منهم صراعا عن الوطنية، مرة وعن الحب مرة، وعن الحرية مرة! ثم أضاف بعضا من السياسة كعلاقة الحاكم بالمحكوم، وصراع الدين والسياسة، وبعض الأفكار السوداوية التي جعلت العراب متخلفين كنظرية المؤامرة.. وكذلك بعض الجنس كي لا يصاب القارئ بالملل.

لكن مما يعاب على الروائي هو حبكة الرواية الباهتة، وأيضا لا تجد أوصاف تدل على أن شخصيات هذه الرواية هم عرب، كل ما تجده هو أن مكرم رجل قصير ذو ملامح عربية، سليم صاحب عضلات مفتولة وليبي الأصل، وذو ملامح عربية، وأمينة سيدة تونسية ذات ملامح عربية، أما بالنسبة لهذه الملامح العربية يبقى على القارئ أن يعرفها لا دخل للروائي في هذه التفاصيل، تأتي هذه الرواية كآخر عمل له قبل رحيله، هذه السنة، لكن سجله الأدبي يحفل بكثير من الأعمال كرواية يوتوبيا التي أصدرت سنة 2008 وذاع صيتها في الأفق مما جعلها تحل في المركز الثاني في قائمة أكثر الكتب مبيعاً في دار ميريت. وكذلك سلسلة روايته في عالم الفنتازيا التي بلغ عددها 64.

لقد رحل عنا الأديب المصري أحمد خالد توفيق لكن أعماله تبقى خالدة، وكذلك يبقى السؤال مطروحا هل بالفعل سيتوحد العرب سواء كان ذلك عبر وطنهم الموعود المصنوع روايتا أو في الواقع وإذا توحدوا هل سيصنعون مجدهم بأنفسهم سواء كان ذلك باغتصاب حقوق أصحاب أرض الميعاد وإبادتهم؟ وإذا فعلوا كذلك هل سيقف المجتمع الدولي في صفهم؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.